نظرًا إلى أهمية وضع نُهج رسمية ومبتكرة للتعليم لتمكين اللاجئين والمهاجرين، وُضع في الأسبوع الماضي جدول الأعمال الخاص بالورشة التي استمرت يومين اثنين.
وتميزت ورشة العمل الافتراضية، التي كان عنوانها "التعريف بعصر جديد من التعليم الرقمي للاجئين والمهاجرين في أوروبا وإلهامه"، بتعاون شبكة الحوار التي يرعاها مركز الحوار العالمي "كايسيد" مع شبكة السياسات المتعلقة بتعليم المهاجرين SIRIUS، وهي منظمة قائمة على العضوية أسسها الاتحاد الأوروبي في بروكسل تشجع الاندماج الاجتماعي للأطفال والشباب من أصول مهاجرة في أوروبا عن طريق تحسين حصولهم على الحق العام في التعليم، كما عُقدت ورشة العمل تلك تحت رعاية برنامج المنطقة الأوروبية الخاص بالمركز ومبادرته للتماسك الاجتماعي.
واستقطب الحدث صانعي السياسات البارزين الذين يعملون لمصلحة مجموعة من الوزارات الأوروبية، فضلًا عن المنظمات الدولية مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) والمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة (ICMPD).
وتحدث الحاضرون عن بعض التحديات التي يواجهها حاليًّا الطلاب المهاجرون وآباؤهم في البلدان الأوروبية كافَّة. وقالت ماري ريان رئيسة رابطة دعم الآباء والأوصياء المهاجرين من المنظمات غير الحكومية التي تدعم الآباء المهاجرين في معرفة المعلومات المتعلقة بالنظام التعليمي في أيرلندا: "بعد الركود الذي حدث في عام 2008، خُفف الدعم المقدَّم للطلاب المهاجرين. ومع أننا استعدنا بعض ذلك الدعم، فهو ما يزال غير كافٍ. ويعتمد استقبال الطلاب المهاجرين في الواقع على فرادى المدارس أو فرادى المدرسين أو فرادى المديرين أو المبادرات التي يجري تنفيذها، وهنالك بعض المشروعات المتميزة التي تُنفَّذ في أيرلندا لكنَّ عددًا كبيرًا جدًّا من الطلاب المهاجرين يعانون من الإهمال والتهميش".
وجمعت الورشة الافتراضية 15 مشاركًا من شبكة الحوار التابعة لكايسيد و20 مشاركًا من شبكة SIRIUS، وكان من بينهم منظمات مجتمع مدني ومنظمات قيم دينية ومدرسون وأكاديميون وآباء لاجئون ومهاجرون وصانعو سياسات من دول بلغاريا وأيرلندا وسلوفينيا وبولندا والنمسا واليونان وصربيا وسويسرا وإيطاليا والنرويج.
وقالت الدكتورة ألكساندرا دجوريتش ميلوفانوفيتش مديرة مشروع شبكة الحوار: "كان هدفنا الرئيس عقد حوار بين صانعي السياسات وأعضاء شبكة الحوار وشبكة السياسات المتعلقة بتعليم المهاجرين بغية استكشاف الكيفية التي يمكن بها للتعليم الرقمي أن يدعم التعليم الشامل للاجئين والمهاجرين، وقد سمح الجمع بين هذه الجهات الفاعلة بالعمل على إيجاد أفكار عملية في بلدان أوروبية معيَّنة بشأن كيفية التغلب على الفجوة الرقمية في التعليم في أثناء جائحة كوفيد-19 وما بعدها أيضًا".
تحديد أهداف ملموسة للتنفيذ
وفي حين كان التركيز منصبًّا على تيسير تجربة التعليم المثيرة جدًّا عبر التعلم من الأقران، كان الحوار مع صانعي السياسات الآخرين ومختصي التعليم على رأس جدول أعمال الورشة، واستخدمت الورشة أيضًا أفرقة التخطيط الصغيرة للشركاء المتعددين التي ساعدت صانعي السياسات والخبراء على تحديد أهداف برنامج سمارت SMART من أجل تنفيذها بعد الورشة.
وتضمنت بنود جدول الأعمال الورشات ما يلي: إيجاد الدعم الشامل في التعليم والحوار مع صانعي السياسات واستخدام اللغات الأكاديمية والاجتماعية في غياب التعليم الحضوري وأهمية تأمين دعم تعليمي أوسع نطاقًا للاجئين في المراكز والمهاجرين القادمين حديثًا وتوصيات بخصوص الوسيلة التي يمكن بها للتربويين وصانعي السياسات أن يدعموا آباء المهاجرين ومجتمعاتهم المحلية وأن يتحاوروا معهم.
ثم قضى الحاضرون اليوم الثاني من الورشة في البحث والتوصية بسلسلة من أهداف برنامج "سمارت" لتعزيز تعليم الأطفال المهاجرين، واتضح أن عددًا من تلك الأهداف كان قابلًا للتنفيذ فورًا.
وقالت نادين بونز، وهي معلمة في مدرسة متوسطة جديدة في فيينا بالنمسا: "كان هدفنا من برنامج "سمارت" تنظيم ورشة للشركاء في النمسا حتى يتسنى للمعلمين الحصول على تدريب أو تعليم متقدم لتقديم دروس اللغة الأولى رقميًّا في جميع أنحاء النمسا، وقد فكرنا في الشركاء مثل وزارة التعليم ومديري التنوع ومعلميه ومعلمي اللغة الأولى والباحثين وممثلي الآباء والطلاب والمجتمعات المحلية مثل المجتمع المحلي العربي والتركي".
وعُدَّت الورشة الافتراضية تلك أيضًا فرصة مهمة لإجراء حوار بين صانعي السياسات والممارسين بشأن استخدامات التعليم الرقمي وكيف يمكن تكييفه من أجل تحقيق المنفعة للجميع في المستقبل القريب. وإذ وقفت جائحة فيروس كورونا المستجد، التي أسفرت عن وفاة 3 ملايين شخص في شتى أنحاء المعمورة، عائقًا في وجه تلقي التعليم في معظم بلدان العالم في عام 2020، فإن مأساة "كوفيد-19" زادت إمكانية تحصيله عبر التعليم الرقمي، الأمر الذي يعكس اتجاهًا أساسيًّا نحو اعتماد التعليم الرقمي في جميع أنحاء أوروبا، لكن هناك حاليًّا معرفة محدودة على مستوى السياسة العامة بشأن كيفية ضمان تأمين تعليم شامل للأطفال اللاجئين والمهاجرين في هذا العالم الرقمي.
وتشير البحوث المستقاة من إغلاق المدارس في العام الفائت نتيجة لجائحة "كوفيد-19" إلى بعض التفاوتات التعليمية الصارخة بين الأطفال من مختلِف الخلفيات. فوَفقًا لتقرير ماكينزي، تسببت الجائحة في خسائر فادحة لمجتمعات السود والإسبان والسكان الأصليين تحديدًا. وطبقًا للتقرير أيضًا، تبيَّن أن الطلاب الملوَّنين قد تأخروا نحو ثلاثة إلى خمسة أشهر في تعليمهم، في حين أن الطلاب البيض قد تأخروا نحو شهر إلى ثلاثة أشهر.
وتحدث الحاضرون عن بعض أكثر المشكلات إلحاحًا التي تواجه الأطفال المهاجرين وأسرهم في أثناء الجائحة. وقالت إيلاريا أونغارو الناشطة في مجال حقوق الإنسان من لومباردي بإيطاليا: "إن مشكلة وضع إطار للتعامل مع أسر المهاجرين تعد مشكلة وليست بفرصة، ولقد حددنا أيضًا مشكلات المعرفة الرقمية ومختلِف مستويات المعرفة الرقمية في الأسر وهذه المشكلة قد ازدادت في ظل الجائحة عندما نُقل كل شيء إلى الإنترنت، وهكذا أصبح الحوار مع الأسر والمدرسين وكذلك دعم الطلاب أكثر صعوبة".
وكانت الورشة الافتراضية ذات العنوان "التعريف بعصر جديد من التعليم الرقمي للاجئين والمهاجرين في أوروبا وإلهامه" قد عُقدت لتحقيق عدد من الأهداف، ومنها إدخال تحسينات على الطريقة التي يمكن بها لصانعي السياسات والممارسين أن يكونوا أكثر شمولًا في خطط وإجراءات التعليم الرقمي الوطنية الخاصة بهم عن طريق استخدام الحوار وتعزيز قدرات أعضاء شبكة الحوار في ميدان التعليم وإنشاء شبكة لوزارات التعليم والممارسين لتحسين عملهم في مجال التعليم الرقمي.
وقد خرج بعض الحاضرين من مجموعاتهم العاملة في الورشات مع خطط لتنظيم حملات المناصرة في بلدانهم الأصلية. وقالت بيسترا إيفانوفا رئيسة المنظمة غير الحكومية "مجموعة كلتي المتعددة" في بلغاريا التي تعمل على تمكين اندماج المهاجرين واللاجئين وتنمية المجتمعات المحلية والتعليم: "استنادًا إلى معرفتنا بالممارسات المناسبة، قررنا العمل على التعليم المزدوج وإطلاق حملة للمناصرة لإدخال هذا الموضوع في جدول الأعمال مع الوزارة ومع الشركاء الآخرين، ولذا وضعنا خطة لتنفيذ ذلك ووضعنا مؤشرات خاصة جدًّا يمكن قياسها بشأن إصدار وثيقة مع خبراء دوليين".
وختامًا، قال السيد ميالي ديرمش المدير التنفيذي لشبكة السياسات المتعلقة بتعليم المهاجرين: "إننا في شبكتنا سعداء بنجاح الورشة هذه والمعلومات التي اكتسبناها ونأمُل أن تؤثر النتائج التي توصلنا إليها في مواصلة تأكيد خطة عمل التعليم الرقمي للاتحاد الأوروبي ومبادرات منطقة التعليم الأوروبية وتنفيذهما. ثم إن الاندماج لا بد منه من أجل أوروبا سعيدة وصحية ومرنة، ليس في ظل هذه الجائحة المستمرة وحسب، ولكن بالنظر إلى الاتجاه نحو المزيد من التعليم الإلكتروني الذي تبديه الحكومات الوطنية والمفوضية الأوروبية أيضًا".
في السعي إلى عالم أكثر استدامة وسلامًا وإنصافًا، يعد التعاون بين مختلف الشركاء أمرًا أساسيًّا. ويعد هذا الإيمان بالشراكة جوهر…