أعلن مركز الحوار العالمي (كايسيد) اليوم عن تدشين برنامج زمالة الصحافة في المنطقة العربية، الهادف إلى دعم نحو 20 إعلاميًا متمرسًا وتوجيههم نحو تعزيز القيم الصحفية التي تتوخّى الدقة والإنصاف والموضوعية، وتحترم التنوع العرقي والديني.
وسيشارك في البرنامج أشخاص من مختلف مجتمعات العالم العربي الذي يعاني من ويلات الحروب والانقسامات الطائفية وغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي.
وأكّد معالي الأستاذ فيصل بن معمّر، الأمين العام لمركز الحوار العالمي، على دور هذا البرنامج في تعزيز مهارة الصحفيين في سرد القصص وإعداد التقارير المتعلقة بقضايا التنوع والأديان وبناء السلام.
تعزيز تغطية القضايا الدينية والعرقية
ويرمي هذا البرنامج إلى معالجة حالات تغطية بعض وسائل الإعلام غير المهنية للقضايا الدينية والعرقية والنزاعات في المنطقة على مدى السنوات الماضية، والتي أدت إلى تنامي خطاب الكراهية وتأجيج المشاعر العدوانية بين أفراد هذه المجتمعات.
ويشير إدوار حنا، مدير برنامج زمالة الصحافة في المنطقة العربية إلى أن الهدف من هذا البرنامج هو سدِّ الفجوات المعرفية في وسائل الإعلام العربية وتعزيز دورها في بناء جسور السلام وكسر حواجز الانقسام والتمييز.
وأضاف: إن مشكلتنا هي شح التقارير التي تتطرق إلى برامج بناء السلام بين أتباع الأديان ووفرة تلك التي تؤجج الصراع والعنف.
صحافة الحوار
فيما يتعلق ببرنامج الزمالة، فإن اللجنة المعنية ستختار ما بين 20 إلى 25 صحفيًّا ما بين 20 إلى 25 صحفيًا (تتراوح أعمارهم بين 28 و40 عامًا) في منتصف حياتهم المهنية، وفق الاشتراطات التالية: أن يكون من العاملين في وسائل الإعلام المطبوعة أو المسموعة أو الرقمية، وأن يكون لديهم خبرة لا تقل عن 5 سنوات في الصحافة أو في ميادين أخرى ذات صلة، وأن يتمتعوا بسجل مهني في بيئات الصراع الحساسة، وأخيرا أن يكونوا من مواطني إحدى الدول العربية.
وسيخضع الزملاء إلى برنامج تدريبي مدته عام واحد، وستتاح لمجموعة الزملاء المختارين إمكانية حضور جلسات توجيهية عبر الإنترنت والمشاركة في ثلاث دورات لبناء القدرات مدتها أربعة أيام لتدريبهم على ممارسة "صحافة الحوار".
تسعى صحافة الحوار إلى تبني مفهوم جديد يقوم على الإعراض عن التقارير أحادية الجانب، والمهيمنة على المشهد الإعلامي الحديث، واتباع سياسة نشر الخطاب المدني، ووضع المجتمعات في صميم الأعمال الإخبارية. ويكون ذلك عبر نشر المعلومات التي تسلط الضوء على النقاط والتحديات المشتركة بدلًا من نشر القصص التي تعمّق الشرخ بين المجتمعات الدينية والعرقية المختلفة.
تقوم صحافة الحوار على تثقيف المشاركين بمبادئها، وتعزِّيز قدرتهم على إعداد التقارير الخاصة بقضايا الدين والهوية والصراع بمهنية عالية، بهدف رأب الصدع بين أتباع الأديان والثقافات ومكافحة خطاب الكراهية.
ووفقًا لخبراء كايسيد الإقليميين، فإنه من الضروري تدريب الصحفيين على المهارات اللازمة للتأثير الفعال في مجال صنع السياسات، سعيًا لتعزيز بناء السلام على مستوى الحكومات.
وتؤكد مايا سكر، مستشارة كايسيد في مجال بناء القدرات في المنطقة العربية، على دور وسائل الإعلام، بقولها: "نحن بصفتنا نشطاء في مجال بناء السلام ندرك تمام الإدراك دور وسائل الإعلام الجوهري في عملية بناء السلام وتعزيز الحوار، وكذا أثره الفاعل في تحسين النظام الاجتماعي والاقتصادي والحكومي وصنع السياسات".
إقامة شراكة بين المركز ومنظمة MICT""
وإلى جانب تقديم جلسات التوجيه والتدريب بما يتماشى مع ظروف جائحة كوفيد-19، سيقدم البرنامج دعمًا ماديًأ للمشاركين لإنتاج محتوى يناسب صحافة الحوار، بحيث يعزز دورهم الفاعل كدعاة للسلام من خلال تسليط الضوء على قصصهم الداعية إلى تعزيز التماسك الاجتماعي. وفي سبيل ذلك، أقام المركز شراكةً مع منظمة "MICT"، وهي منظمة عالمية غير ربحية تنفذ مشاريع تطوير وسائل الإعلام في مناطق الأزمات.
ويرى كلاس جلينوينكل، الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة "MICT"، أن الصحفيين يتجنبون الخوض في القضايا الدينية عمومًا خشية الوقوع في فخ سياسات الهوية الطائفية، ولهذا السبب يعملون بعيدًا عن دائرة القضايا الدينية، تاركين الساحة لأولئك الذين يثيرون القلاقل المرتبطة بالهوية الدينية.
وقد أثمرت شراكة المركز مع منظمة "الإعلام عبر التعاون وفي التحول" عن إنشاء برنامج "إعلام من أجل السلام"، المكون من جزأين: زمالة الصحافة للحوار ومنتدى السياسات الإعلامية، وكذلك إنتاج محتوىً صحفي نموذجي وملتزمٍ يخدم القضايا متعددة الأديان في المستقبل. وسيحظى المشاركون في البرنامج بفرصة المشاركة في هذا المنتدى.
سيشهد منتدى السياسات الإعلامية حوارًا بين الجهات المعنية حول مبادئ وأخلاقيات الصحافة الملتزمة، بحضور كبار الصحفيين والمحررين وصناع السياسات والقيادات الدينية من جميع أنحاء المنطقة العربية، وسيضع المشاركون عددًا من التوصيات التي تضمن استدامة التقارير حول القضايا الدينية والصراعات، وربما تنشر ميثاقًا باسم برنامج "إعلام من أجل السلام".
وأكّد معالي الأمين العام فيصل بن معمّر على أهمية تدريب الصحفيين الشباب في المنطقة العربية على مهارات صحافة الحوار اللازمة لإعداد تقارير تراعي الحساسيات والاعتبارات الدينية والاجتماعية وبناء السلام، ليكونوا في نهاية المطاف دعاة سلام وحوار يساهمون في رأب الصدع ومكافحة خطاب الكراهية وتوجيه الرأي العام. ومن شأن نجاح هذا العمل، أن يُحقّق قفزة نوعية نحو عالم أكثر تماسكًا.
وفي الختام، تجدر الإشارة إلى جهود المركز الأخرى في مجال الإعلام وبناء السلام مثل تعزيز عمل الصحفيين الساعين إلى بناء جسور السلام في جمهورية إفريقيا الوسطى منذ عام 2018. إذ يؤدي المركز من خلال شبكة صحفيي السلام دورًا محوريًا في تعزيز قدرات الصحفيين ومهاراتهم وثقافتهم في مجال منع نشوب النزاعات في تلك الدولة الأفريقية التي أثقلت الحرب كاهلها.
اجتمع في عمان بالأردن في الفترة من 14 إلى 18 من ديسمبر 2022 قرابة …
إذ عرفت الصحفية السعودية سوزانا الدوسري أن عملها يتطلب القدرة على إيصال رسائل التسامح وقَبول الآخر، سافرت إلى تونس للمشاركة في…