حول الرحمة عند الأديان والثقافات، إبن معمر: مسؤوليتنا: أن تكون الرحمة أصل من أصول العلاقات والتفاهم بين المجتمعات الإنسانية
إنعقد في روما خلال يومي3-4 من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري لقاء جمع أبرز القيادات الدينية من مختلف أنحاء العالم، وذلك بهدف الحوار وتبادل المعرفة حول مفهوم الرحمة عند الأديان والثقافات المتنوعة.
وقد نظم مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات لقاءً دولياً بالتعاون مع المجلس البابوي للحوار، شارك فيه قيادات دينية مسلمة ومسيحية ويهودية وبوذية وهندوسية ومن الدروز والأيزيديين وغيرهم، حيث إبتدأ اللقاء الدولي بمقابلة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان ، وتم الاستماع إلى كلمته حول الرحمة .
وخلال الافتتاح ألقى معالي الأمين العام لمركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمر كلمة جاء فيها: "لقد أدرك البشر منذ أقدم العصور أن الرحمة هي قيمة تتجاوز العدل وتتسامى على القوانين، لأن الرحمة في جوهرها تعد من أبرز القيم التي تعزز إنسانية الإنسان وقيمته الروحية السامية". وشدد معاليه على أن "أن الرحمة أساس في التعاليم الدينية وأن الله هو الرحمن الرحيم، وأن الرحمة تكررت في القرآن الكريم في مواضع عديدة باعتبارها جزء أساس من الدين الإسلامي الحنيف، والسنة النبوية الشريفة، وأن رحمة الله وسعت كل شيء". وأضاف معاليه: "لقد تخلت نظم العالم الحديث في علاقاتها القانونية والأخلاقية ،لاسيما في بعض أوجه العلاقات الدولية، عن الالتزام بهدي القيم الأخلاقية للأديان، وفصل تلك القيم عن أي قوة للإلزام والتطبيق في المواثيق الدولية. ونتيجة لهذا المسار الذي سارت عليه البشرية اليوم، بعيدا عن قيمة مفهوم الرحمة كونها شرطأ ضروريا للحياة الإنسانية، أفضى واقع العالم إلى ما نراه اليوم من حال البشرية وما تعاني منه مآسي، ... وهذا ما يحتم وجود إلى تشريعات تتوخى مبدأ الرحمة في النظم والقوانين لمعالجة الكثير من مشكلات العالم في هذا العصر". ونوه معاليه بإن " مسؤولية كافة القيادات الدينية اليوم هي السعي الدؤوب لتأسيس قناعة قوية لدى كافة الأوساط بإعادة الفهم الإنساني الصحيح لمفهوم الرحمة كقيمة إنسانية ستظل البشرية في حاجة إليها اليوم قبل أي شيء آخر". وأختتم معاليه كلمته قائلا: "إن القصص التي سمعناها في هذا اللقاء ، تذكرنا بأن الرحمة ليست مفهوماً مجرداً، وإنما أيضا تجسيد للمعنى في سلوك اولئك الذين يمثلون الخير والسلام حول العالم، حيث تعتبر الرحمة لديهم بمثابة أسلوب حياة؛ وأنهم يمارسون التعاون مع أقرانهم من أتباع الأديان للقيام بالأعمال الخيرية بشكل يومي".
وفي افتتاح اللقاء عبر الأسقف (ميغيل أيوسو) سكرتير المجلس الباوبوي للحوار بين أتباع الأديان، وعضو مجلس إدارة مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، عن سعادته بما تحتويه كلمة البابا فرانسيس واستقباله للجميع، واكد على أننا جميعاً نملك القدرة على أن نجعل الإيمان فعالاً من خلال الأعمال الخيرية، نحن سنجد في كل ديانة وفي كل مجتمع حول العالم أشخاصاً مثاليين أصبحوا قدوات في تجسيد مبدأ الرحمة بين أتباع الديان من خلال حياتهم وأعمالهم.
وكان هذا اللقاء، الذي شهد حضور مجموعة من الإعلاميين والمراقبين، قد سلط الضوء على أهمية السلام والمصالحة، عبر الإشادة بجهود مجموعة من الأشخاص الذين أصبحوا من خلال أعمالهم في الحياة نماذج يحتذى بها في ممارسة الرحمة من أجل السلام والمصالحة. وقد تم استعراض خلال اللقاء تجارب واقعية من مناطق عديدة من العالم تأثرت بالعنف والصراع حيث تجلت في كثير منها قصص دورالرحمة في تحقيق المصالحة والسلام.
يذكر أن مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات منظمة بين-حكومية تعمل في مجال تعزيز الحوار وبناء السلام ونشر التفاهم و التعاون بين أتباع مختلف الأديان والثقافات. تأسس المركز من قبل المملكة العربية السعودية وجمهورية النمسا ومملكة إسبانيا، إلى جانب الفاتيكان بصفة مؤسس مراقب. ويتكون مجلس إدارة المركز من ممثلين عن خمس أديان عالمية رئيسية: الإسلام و المسيحية و اليهودية و البوذية و الهندوسية.