في عام 2005، دعوة الكاردينال أونييكان للالتزام بمبادئ السلام وخفض التصعيد كانت على المحك، لا سيما وقد تلقي للتو خبرًا مفاده أن إحدى الصحف الدنماركية قد نشرت سلسلة من الرسوم الكاريكاتورية الساخرة للنبي محمد مما اندلعت على إثرها موجات غضب عارمة أسفرت عن وقوع مئات الضحايا عقب انتفاضة مسيحية-مسلمة عنيفة عصفت بالبلاد.
وبعد زيارة المعنيين، تواصل الكاردينال أونييكان مع سلطان سوكوتو، زعيم مسلمي نيجيريا، وأصدر اثنان من القيادات الدينية الأكثر نفوذًا في نيجيريا بيانًا مشتركًا أعلنا فيه أن الحادث لا يمس الجانب الإسلامي المسيحي وحثا الجانبين على تسوية الخلافات سلميًا.
خلال السنوات التالية، اشتهر نيافة الكاردينال جون أولورونفيمي أونييكان، رئيس أساقفة العاصمة أبوجا في نيجيريا، بين الناس على أنه المصلح الاجتماعي الذي يلجأ إليه الأهالي في حال نشوب أي صراعات، خاصة الصراعات بين أتباع الأديان.
وبعد أن استكمل مسيرته التعليمية وبفضل خدمته المبكرة في الكنيسة، رُسم الكاردينال أونييكان أسقفًا مساعدًا لإيلورين في سن 38. وبعد أن تقاعد خدمة الكنيسة رسميًا، واصل الكاردينال أونييكان الدعوة إلى بناء السلام والعدالة الدينيين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وفي جميع أنحاء المعمورة.
وفي عام 2012، حصل على جائزة السلام من منظمة باكس كريستي إنترناشونال، وهي جائزة سنوية تُمنح للأفراد المثاليين الذين يدافعون عن السلام والعدالة واللاعنف في جميع أنحاء العالم.
قال الكاردينال أونييكان: «تكريس نفسي للعمل على الصعيد الدولي يعزو إلى الأسباب نفسها التي جعلتني في مصاف الحوار المسيحي الإسلامي في بلدي رغبة في ترسيخ العدالة وإرساء السلام.»
بفضل سجله الحافل بالمشاركات الحوارية بين أتباع الأديان في نيجيريا وتفانيه المتواصل في تعزيز السلام طوال حياته المهنية، فقد شغل منصب الرئيس الفخري لمنظمة أديان من أجل السلام ورئيسًا للجمعية المسيحية في نيجيريا ورئيسًا لمؤتمر الأساقفة الكاثوليك في نيجيريا.
كما أنه تلقى دعوة مشاركة في منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين المقبل المقرر انعقاده في الفترة من 13 إلى 17 أكتوبر، وهو الدور الذي يراه الكاردينال أونييكان فرصة لإبراز أهمية الدين في حل النزاعات ودفع عجلة التنمية المستدامة قدمًا إلى الأمام.
في هذا الصدد، قال الكاردينال أونييكان: «في الماضي، لم يُعهد على مجموعة العشرين أنها تراعي دور الدين مراعاة جدية، لكن منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين أمدنا بقناة اتصال حيوية تسلط الضوء على القضايا ذات الصلة بالمجتمعات الدينية.»
علاوة على ذلك، سلط الكاردينال الضوء على أن القضايا التي نوقشت في المنتدى وثيقة الصلة ببعضها البعض، بدءًا من الفقر العالمي إلى حماية الكوكب. «كلها متشابهة وكلها مرتبطة ببعضها البعض؛ فحل أُولاها يأخذ بأيدينا لحل أُخْرّاها.»
ومع ذلك، يرى الكاردينال أونييكان أن الترابط بين الأمم لا يقل أهمية عما سبق، وقال: «إن قضايا الصراع في جميع أنحاء العالم مرتبطة بقضايا الاقتصاد العالمي وما إذا كان منظمًا أم فوضويًا إذا سمح التعبير. بعبارة أخرى، إذا كانت مجموعة العشرين تمثل أهم البلدان في عالم اليوم، فعليها مراعاة مسؤوليتها في تقرير مقدار السلام الذي سنحظى به في هذا العالم.»
وفي معرض تأمله لدوره بصفته زعيم مسيحي في نيجيريا -التي لم تحظ بعضوية مجموعة العشرين، أكد أن شعبه لا يأمل إلا أن ينعم ببعض «التداعيات الإيجابية» لمناقشات القمة.
وهذا يعني أن دول مجموعة العشرين تتكبد على عاتقها مسؤولية خاصة عن هؤلاء الذين لم يحظوا بفرصة المشاركة في المناقشات المتمحورة حول الاقتصاد العالمي وحالة الشؤون العالمية.
قال الكاردينال أونييكان: «آمل أن يضعوا في الحسبان، خلال اجتماعاتهم، مرامي السلام والعدالة في العالم والبحث عن السبيل لجعل هذا واقعًا ملموسًا من باب الأخذ بالمصلحة الذاتية المستنيرة بغية بناء عالم أفضل للجميع.»
في الوقت نفسه، يخطط الكاردينال أونييكان أن يستدعي خبراته التي تلقاها مؤخرًا عن الشراكة العالمية بخصوص الدين والتنمية المستدامة ومنتدى الحوار بين أتباع الأديان من أجل السلام الذي يدعمه مركز الحوار العالمي، حيث كان عضوًا في مجلس الأمناء، إلى طاولة مناقشات مجموعة العشرين. فهذه الشراكات عرّفته على قضايا الحوار بين أتباع الأديان في جميع أنحاء العالم.
وأضاف: «ما نقوم به من مناقشات واجتماعات على الصعيد العالمي يثري معرفتنا ويأخذ بأيدينا إلى التعامل السوي مع القضايا على الصعيد المحلي، لا سيما عندما يقتض الأمر اتخاذ إجراءات مباشرة.»
وأردف: «السواد الأعظم يعملون على تكاتف الشعوب وانتشال الدين حتى لا يكون مضغة سائغة في فم هؤلاء الذين يسيئون إليه. ومع ذلك، يضطلع مركز الحوار العالمي بدور غاية في الأهمية لقدرته على الانعقاد وقتما شاء وأنه منظمة شبه رسمية (حكومية-دولية). لذلك، نجزم أن عمل المركز من الأهمية بمكان في وقتنا الحاضر.»
تابع الكاردينال أونييكان حديثه، قائلاً: «لذا نرحب بمساعدات مركز الحوار العالمي في نيجيريا؛ فهي حاسمة لما نقوم به على أرض الواقع.»
إبان ذلك، يأمل الكاردينال أونييكان في تحقيق الاستفادة القصوى من الدورس القيّمة المستساقه من واقع مشاركاته التعاونية رفيعة المستوى ومتعددة الأطراف بين أتباع الأديان، كتلك في منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين، وتطبيقها على أرض الواقع في نيجيريا.
وأضاف أن دعوة البابا فرانسيس في رسالته البابوية الأخيرة «كلنا أخوة» ركزت على موضوعات الأخوة والصداقة الاجتماعية كآلية لبناء عالم أفضل وأكثر عدلاً وسلمًا، «أو كما تعلمنا من جائحة كوفيد-19: لا يأمن البعض حتى يأمن الكل.»
واختتم الكاردينال أونييكان حديثه، قائلاً: «إلى أن تعيش كل أمة، بما في ذلك الدول الصغيرة، في سلام ووئام مع الحد الأدنى من الرفاهية، محال أن ينعم العالم بثمرة السلام ومحال أن يتمخض عن الأسلحة النووية هذا النوع من السلام. دعونا نأمل أن ينقل منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين هذه الرسالة إلى مجموعة العشرين بعبارات شديدة اللهجة. ومع ذلك، ندعو للجميع بالتوفيق والسداد»